ما الذي يسبب مرض الزهري وكيف يتم نقله؟

 الزهري هو مرض يسببه نوع من البكتيريا التي تسمى البكتيريا اللولبية الشاحبة، وهي تدخل الجسم من خلال الجروح والفتحات الصغيرة في الجلد أو ترشح من خلال الأغشية المخاطية، وعادة يتم نقل العدوى بهذه البكتيريا من خلال الممارسات الجنسية المختلفة .
تعتبر هذه البكتيريا معدية سواء في مرحلتها الابتدائية – في بداية ظهور القروح على الجلد – أو في المرحلة الثانوية، عندما يظهر الطفح الجلدي في مناطق أخرى من الجسم كالجذع، وباطن الكفين، وباطن القدمين، وغيرها، وتسهل قروح الزهري أيضا انتقال فيروس نقص المناعة البشرية، وهو الفيروس الذي يسبب الإيدز. ويرجع ذلك إلى حقيقة أن قروح الزهري يمكن أن تنزف، وتوفر وسيلة سهلة لفيروس نقص المناعة البشرية لدخول مجرى الدم, و يكون مرض الزهري معدياً حتى في بداية المرحلة الكامنة، التي لا تظهر فيها أية أعراض على الشخص المصاب.
ولا يمكن أن تنتقل عدوى الزهري من استخدام نفس الملابس، أو مقعد المرحاض، أو الأواني التي استخدمها الشخص المصاب، كما لا يمكن أن تنتقل العدوى من الإمساك بمقابض الأبواب، أو استخدام أحواض الاستحمام، وحمامات السباحة، وغيرها من المرافق المماثلة.
ولكن في حالات نادرة، يمكن أن تنتشر العدوى عن طريق اللمس المباشر للتقرحات والبكتيريا، على سبيل المثال، أثناء التقبيل .

انتقال الزهري من الأم إلى الطفل (الزهري الخلقي)

يمكن أن ينتقل مرض الزهري من الأم المصابة إلى طفلها أثناء الحمل أو الولادة. وهذا ما يسمى بالزهري الخلقي، وهو حالة خطيرة، قد تكون مهددة لحياة الطفل، حيث يمكن أن يسبب الزهري الخلقي الإجهاض، أو وفاة الجنين في الرحم، أو وفاة الطفل بعد ولادته بأيام، ويرتبط المرض أيضا بالعمى والصمم والتشوهات الجسدية، و تلف الجهاز العصبي للطفل.
و يمكن تقليل المضاعفات الخطرة التي قد تصيب الرضع المصابين بمرض الزهري الخلقي عن طريق الكشف المبكر والعلاج بالبنسلين, و يمكن أن نقي الطفل من مرض الزهري الخلقي عن طريق علاج الأم من مرض الزهري أثناء الحمل .

ماذا يحدث إذا تم إهمال هذا المرض و لم يعالج

إذا لم يعالج مرض الزهري، فإنه يمكن أن يؤثر على القلب والدماغ وقد يكون مهدداً للحياة, وقد ربطت الأبحاث هذا المرض بأمراض تمدد الأوعية الدموية والتهاب الشريان الأورطي، كما يمكن أن يؤثر هذا المرض على صمامات القلب كذلك، وقد تشمل مضاعفات مرض الزهري أيضا بعض مشاكل القلب والأوعية الدموية والعصبية، مثل:
– السكتة الدماغية
– التهاب السحايا
– ضعف السمع
– مشاكل بصرية
– الخرف أو فقدان الذاكرة
ويمكن أن تظهر لدى المصابين بمرض الزهري بعض الكتل الكبيرة التي تسمى بالأورام الصمغية، وتظهر هذه الأورام عادة على الجلد والعظام، أو الأعضاء الداخلية في مراحل متأخرة من العدوى, وعلى الرغم من أن علاج مرض الزهري يمكن أن يقتل البكتيريا ويضع حداً للمضاعفات المرتبطة بالمرض، إلا أن الضرر الذي تسببت به البكتيريا في الجسم قبل علاجها لا يمكن إصلاحه.

الوقاية من مرض الزهري :

الطريقة الوحيدة لتجنب مرض الزهري تماماً هي الإبتعاد عن العلاقات الجنسية المحرمة، فوجود شريك جنسي واحد فقط، والتأكد من أنه هو أيضاً ليس لديه علاقات جنسية أخرى، من أهم النصائح التي يعطيها الأطباء للأشخاص الذين يرغبون بوقاية أنفسهم من هذا المرض، كما ينصح الأطباء المرأة الحامل المعرضة للإصابة بهذا المرض بإجراء الفحوصات للتأكد من عدم نقل مرض الزهري الخلقي إلى جنينها .

مراحل مرض الزهري:

يتطور مرض الزهري على مراحل، وتختلف أعراضه تبعاً لمرحلة المرض لدى الشخص.
ويمر مرض الزهري بأربع مراحل، وهي : الابتدائية، الثانوية، الكامنة، والثالثية.
ومع ذلك، لا تحدث الأعراض دائما بنفس الترتيب، وقد تتداخل المراحل مع بعضها البعض، كما يمكن أن يكون الشخص مصاباً بمرض الزهري لسنوات ولا تظهر لديه أية أعراض، ولكن بما أن الزهري لا يختفي من تلقاء نفسه، فيجب على الشخص المصاب به أن يجري فحوصات هذا المرض، ويحصل على العلاجات اللازمة .
وتتشابه أعراض مرض الزهري مع أعراض أمراض أخرى، لذلك قد يصعب الإحساس بوجوده واكتشافه قبل أن تظهر أعراضه المميزة، ولهذا السببب فإنه غالبا ما يسمى بـ “المقلد العظيم”

 ما هي الأعراض الأساسية لمرض الزهري؟

 أول علامة على مرض الزهري عادة ما تكون ظهور قرحة صغيرة غير مؤلمة، وتظهر القروح عادة في المكان الذي دخلت البكتيريا منه إلى الجسم، وتستغرق القروح ثلاثة أسابيع حتى تظهر منذ الوقت الذي دخلت فيه البكتيريا إلى الجسم .

وتظهر القروح لدى الرجال عادة على القضيب، وقد تظهر لدى البعض على  فتحة الشرج، أو في المستقيم، أو في الفم.
أما في النساء، فقد تظهر القروح على الفرج أو فتحة الشرج أو في المهبل أو المستقيم أو الفم، وفي معظم  مرضى الزهري تظهر قرحة واحدة فقط في هذه المرحلة، مع أن البعض قد تظهر لديهم عدة قروح في نفس الوقت .

ومن الممكن أيضا أن لا يلاحظ المريض القروح، ولا يعرف أنه مصاب بمرض الزهري، لأن هذه القروح غير مؤلمة، كما أنها يمكن أن تكون مخفية داخل الجسم، ولذلك يجب على الشخص أن يجري الفحوصات اللازمة في حال رأى قرحة غريبة في أي مكان من جسمه .
وتشفى القرحة الأولية عادة بعد عدة أسابيع من ظهورها، وتختفي من تلقاء نفسها، حتى دون تناول العلاج اللازم لمرض الزهري، وفي هذه الحالة, يكون اختفاؤها علامة على انتقال المرض إلى المراحل التالية .

 الطفح الجلدي : علامة من علامات انتقال مرض الزهري إلى المرحلة الثانوية

 بعد فترة وجيزة من شفاء القرحة، قد يظهر لدى المريض طفح جلدي على الظهر أو البطن في البداية، ولكنه قد يغطي الجسم بأكمله في نهاية المطاف، بما في ذلك باطن الكفين، وباطن القدمين, وقد تظهر أيضا بعض القروح التي تشبه الثأليل في الفم أو في منطقة الأعضاء التناسلية

والطفح الجلدي الناتج عن مرض الزهري لا يسبب الحكة عادة، ولكنه قد يكون مصحوباً بأعراض أخرى تشبه الإنفلونزا، مثل:  آلام العضلات، والحمى، وإلتهاب الحلق، وتورم العقد الليمفاوية، وقد تختفي هذه العلامات والأعراض في غضون بضعة أسابيع، ولكنها يمكن أن تعود لتظهر مراراً وتكراراً لمدة تصل إلى عام.

الزهري الكامن: فترة انقطاع الأعراض :

إذا ترك مرض الزهري دون علاج، سيتطور من المرحلة الثانوية إلى المرحلة الكامنة، أو المخفية, وعندما يكون المرض كامناً، لن يكون لديك أية أعراض ملحوظة, ويمكن أن تستمر هذه المرحلة لسنوات، وفي الواقع، في بعض الحالات، قد لا تظهر الأعراض مرة أخرى أبداً.

المرحلة الثالثية من الزهري : مرحلة نادرة، و لكنها خطرة

يتطور الزهري الكامن إلى المرحلة الثالثية، في حوالي %15 إلى %30 من الحالات التي لا يحصل فيها المصابون على العلاج, وخلال هذه المرحلة، يمكن للعدوى أن تضر الدماغ والأعصاب والعينين والقلب والأوعية الدموية والكبد والعظام والمفاصل، ويحدث هذا بعد سنوات عديدة من الإصابة بالعدوى الأصلية، إذا لم يتم علاجها.

الزهري العصبي :

 يسمى مرض الزهري الذي يؤثر على الجهاز العصبي – الدماغ والحبل الشوكي – بالزهري العصبي .
يمكن أن يحدث الزهري العصبي في أي مرحلة من مراحل المرض، وعادة ما يتطور في الناس الذين أهملوا مرضهم ولم يعالجوه لسنوات عديدة,  ومع ذلك، فإن الإصابة بالإيدز والزهري معاً تشكل عاملاً مهماً في زيادة خطر الإصابة بالزهري العصبي،  ويمكن أن تشمل أعراض الزهري العصبي عدم تناسق حركات الجسم، وعدم القدرة على التحكم بها، وعدم القدرة على الكلام أو فهم اللغة، والشلل الجزئي، وتغيرات في الشخصية.

الزهري الخلقي :

 يمكن للنساء الحوامل نقل الزهري إلى أجنتهن أو إلى أطفالهن حديثي الولادة من خلال المشيمة أو أثناء الولادة، مما يزيد من خطر الإجهاض، أو موت الجنين في الرحم، أو وفاة الطفل في غضون بضعة أيام بعد ولادته.
لكن الخبر السار هو أن البنسلين يمكن أن يستخدم لعلاج مرض الزهري أثناء الحمل ومنع انتقال المرض إلى الجنين بنسبة نجاح جيدة قد تصل إلى 98 % .
إذا أصيب الطفل بمرض الزهري، فلن تظهر لديه أية أعراض على الأرجح، على الرغم من أن بعض الأطفال قد يظهر لديهم طفح جلدي على باطن الكف أو باطن القدم.
وقد يعاني الأطفال المصابون بالزهري الخلقي لاحقاً من بعض المضاعفات مثل ضعف السمع، وتشوهات الأسنان، وتشوه خلقي في الأنف يسمى “الأنف السرجي”، والذي يحدث بسبب تشوه عظام الأنف.

ما هي الاختبارات التشخيصية لمرض الزهري؟

إذا شعر الشخص بوجود أي إفرازات غير عادية، أو قرحة، أو طفح جلدي وخاصة في منطقة الفخذ لديه أو لدى شريكه, يجب أن يراجعا الطبيب، وقد يقوم الطبيب بإجراء فحوصات الدم للتأكد من وجود الأجسام المضادة التي ينتجها الجسم لمحاربة مرض الزهري, حيث تبقى الأجسام المضادة لبكتيريا الزهري في الجسم لسنوات، لذلك يمكن لهذه الاختبارات الكشف عن أي عدوى حصلت في الماضي .

 أما خلال مراحل الزهري الأولي أو الثانوي، قد يقوم الطبيب أيضا بأخذ عينة صغيرة من الخلايا من الإلتهاب، أو الطفح الجلدي للتحقق من وجود بكتيريا الزهري .

أما إذا شك الطبيب بأن الشخص قد يكون مصاباً بمرض الزهري العصبي، فقد يحتاج إلى سحب عينة من السائل النخاعي عن طريق البزل القطني (و هي عملية يتم فيها إدخال إبرة عبر المنطقة القطنية في الظهر، و يجري خلالها سحب عينة من السائل النخاعي ) .