تعتبر صحة الفم ونظافته حاجة فطرية لدى الإنسان, ولذلك اهتمت الحضارات المختلفة منذ القدم بأدوات تنظيف الفم والأسنان وعملت دوماً على تطويرها, حتى وصلنا إلى ما نحن عليه في الوقت الحاضر, وللحفاظ على صحة الفم, فإن منع تكون لويحات البلاك, واحد من أهم الأولويات التي يجب الإهتمام بها, ويعتبر السواك واحداً من أهم الأدوات التي استخدمت لمكافحة البلاك والحفاظ على نظافة الأسنان منذ فجر التاريخ, حيث شاع استخدامه لدى الكثير من الشعوب القديمة, كشعوب الهند, وشعوب بعض الدول الإفريقية, كما استخدمه العرب منذ قديم الزمان.
السواك في السنة:
ويعتبر استخدامه سنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم, حيث استخدمه, وحثنا على استخدامه, ففي الحديث الشريف الذي رواه النسائي وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب”, وفي حديث آخر رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء”.
و مع تقدم العلم, واكتشاف الفوائد العديدة والفريدة للسواك (أو عود الأراك), بدأ السواك ينتشر في كل مكان من العالم, حتى أن مستخلصاته دخلت في تصنيع بعض معاجين الأسنان, وقد أظهر عدد كبير من الدراسات, أن السواك بخصائصه المميزة, وقوامه, وتركيبه الكيميائي يفوق الكثير من أدوات العناية بصحة الفم المتوفرة في وقتنا الحالي, حتى أن منظمة الصحة العالمية شجعت على استخدامه, وأوصت به كأداة فعالة للعناية بصحة الفم.
فمؤخراً، ذكر العديد من المؤلفين والكتاب إلى أن للسواك ومستخلصاته تأثيراً علاجياً على أمراض اللثة, حيث أثبتت دراسة أجريت في معهد كارولينسكا في السويد أن السواك يعمل كمضاد للجراثيم التي تتواجد في الفم بشكل عام, بالرغم من تفاوت فعاليته في مكافحة الأنواع المختلفة من البكتيريا.
و في دراسة أخرى أجريت في قسم الأبحاث لإحدى الجامعات الهندية, ثبت أن استخدام السواك كعامل مساعد لفرشاة الأسنان, ساعد في التقليل من كمية البلاك بشكل كبير, كما عمل على تحسين صحة اللثة.
التركيب الكيميائي, والخصائص الفريدة للسواك :
السواك هو في الأساس غصن من شجر الأراك, وهو شبيه بقلم الرصاص من حيث الشكل والحجم وفي المناطق التي لا يتوفر فيها هذا النوع من الأشجار، يستخدم الناس الشجيرات المحلية الأخرى مثل البرتقال وغيرها لصناعة مساويكهم.
إن الأمر المميز في استخدام السواك, أنه يغني عن استخدام الفرشاة والمعجون في آن واحد, بسبب المواد العديدة التي يحتويها, والتي تختلف من حيث فوائدها, ودورها المحدد في صحة الفم, حيث يحتوي سواك الأراك على عدد من المواد الفعالة مثل:
– السيليكا: والتي تعمل كمادة كاشطة, لتزيل البقع والرواسب عن سطح الأسنان.
– بيكربونات الصوديوم: والتي تمتلك تأثيراً بسيطاً لإبداة للجراثيم.
– حمض التانيك: له تأثير قابض يساعد على شد اللثة, كما وجد أن لديه تأثيراً جيداً في مكافحة البلاك, ومكافحة التهاب اللثة.
– الراتنجات: تشكيل طبقة حامية فوق مينا الأسنان لتحميها من الميكروبات.
– المواد الشبه قلوية: تبيد للجراثيم وتحفز اللثة.
– الزيوت العطرية: لها تأثير مضاد للتفسخ, وتحفز تدفق اللعاب.
– فيتامين C: يساعد في شفاء اللثة.
– أيونات الكالسيوم والفلورايد: تعزز وتقوي هيكل الأسنان, وتعمل كمضاد خفيف للبكتيريا.
الخواص الكيميائية الموجودة في السواك تغني عن استخدام معجون الأسنان:
في دراسة أجريت من قبل جامعة آرهوس في الدنيمارك على طلاب إحدى المدارس, قام الباحثون بتقسيم الطلاب إلى مجموعتين, حيث نظفت المجموعة الأولى أسنانها باستخدام المسواك فقط, بينما نظفت المجموعة الثانية أسنانها باستخدام السواك بعد إضافة معجون الأسنان إليه, وأظهرت النتائج أن استخدام المسواك ارتبط بانخفاض كبير في البلاك والتهاب اللثة, وأن إضافة معجون الأسنان لم تشكل أي فرق أو مزايا إضافية في النتيجة لدى المجموعة الثانية.
فعالية ألياف السواك كبديل لفرشاة الأسنان:
بالنسبة لألياف السواك, والتي تعمل كفرشاة أسنان طبيعية تماماً, فقد أثبتت الكثير من الدراسات التي بحثت في فعالية ألياف السواك لأداء الجزء الميكانيكي من تنظيف الأسنان, مقارنة بأجود أنواع فراشي الأسنان المستخدمة حالياً, أن السواك يرقى إلى مستوى فرشاة الأسنان, بل ويتفوق عليها, ففي دراسة أجريت في كلية الملك في لندن, قارن الباحثون بين صحة اللثة لدى مجموعة من الأشخاص المعتادين على استخدام السواك, ومجموعة أخرى من الأشخاص المعتادين على استخدام فرشاة الأسنان, حيث أظهرت النتائج أن الأشخاص الذين استخدموا السواك كانت نسب نزيف اللثة, وانحسارها لديهم أقل من مستخدمي فراشي الأسنان, كما بينت الدراسة بأن استخدام المسواك 5 مرات يومياً, يمكن أن يغني الشخص عن تنظيف أسنانه بالفرشاة 3 مرات يومياً, ويعطيه نتيجة مماثلة من حيث الحماية من تكون البلاك, وأمراض اللثة.