ربما يكون الجانب الأكثر إثارة للقلق من التهاب المفاصل الروماتويدي، هو أنه يؤثر على أهم القرارات التي قد تتخذينها في حياتك , ومنها قرارك بالإنجاب .

وفقا لدراسة نشرت في شهر أيلول من عام 2017، فإن ما نسبته 56% من النساء اللواتي يعانين من مرض التهاب المفاصل الروماتويدي أنجبن عدداً قليلاً من الأطفال رغم رغبتهن بإنجاب المزيد، بينما أكدت 36% من النساء المصابات بهذا المرض أنهن تمكن من أنجاب العدد الذي رغبن فيه من الأطفال، إلا أن معظمهن أنجبن العدد الذي أردنه من الأطفال قبل أن يتم تشخيص المرض لديهن.
قد يجعل مرض التهاب المفاصل الروماتويدي إنجاب الأطفال أكثر صعوبة ولكنه بالتأكيد لن يكون أمرًا مستحيلًا, يقول الخبراء أن المرأة المصابة بهذا المرض يجب أن تخطط بشكل دقيق , وتحصل على الدعم والمساعدة من أسرتها وأطبائها , حتى  تكون  قادرة على إنجاب الأطفال.
و تقول ميغان كلوز طبيبة الروماتيزم في جامعة ديوك في دورهام في كارولينا الشمالية : “أن معظم النساء المصابات بالتهاب المفاصل الروماتويدي قادرات على الحمل ولديهن فرص كبيرة لثبات الحمل وإتمامه ” , ولكنها تنصح النساء المصابات بالمرض ويرغبن بإنجاب الأطفال , بأن يُبقين المرض تحت السيطرة قبل الحمل ويتناولن الدواء طول فترة الحمل للحصول على أفضل النتائج .

دراسة مخاوف وقلق النساء المصابات بالتهاب المفاصل الروماتويدي:

عرضت النساء في الدراسة الاستقصائية عددًا من الأسباب التي دفعتهن للحد من حجم الأسرة أو عدم الإنجاب مطلقاً، وبما أن جميع هذه الأسباب والمخاوف واضحة ومفهومة، فإن التعامل معها , والتغلب عليها سيكون ممكناً.

– ” قد لا أكون قادرة على رعاية الطفل بسبب المرض”

تقول الدكتورة كلوز: “إذا التزمت المرأة بتناول أدويتها أثناء الحمل أو عادت إلى تناولها بعد أسابيع قليلة من الولادة , فمن المرجح أنها لن تعاني من أية مضاعفات بعد الولادة”.
“راشيل كرو” أحدى المشاركات في الدراسة , أم لطفلتين , إحداهما عمرها سنة والأخرى ست سنوات  وهي مصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي، قالت أنها تستطيع رعاية أطفالها الصغار بشكل جيد، ولكنها تحتاج إلى بعض التعديلات في منزلها لتتمكن من القيام ببعض المهام، مثل وجود طاولة ثانية لتغيير الحفاضات على الأرض , لتستخدمها خلال الأيام التي لا تستطيع فيها رفع طفلتها إلى طاولة التغيير، وكان أكبر تعديل قامت به كرو , هو المباعدة بين طفلتيها أكثر مما تفضل، حيث قالت :” لم أتمكن من رعاية أكثر من طفل تحت سن الخامسة” .
 في الواقع , فإن كونك أماً مصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي , قد يستلزم أن تكوني مبدعةً في كيفية رعاية طفلك تماماً كما فعلت “راشيل كرو” , وذلك حتى لا تضغطي على مفاصلكِ وتجهدي نفسك , كما أن طلب المساعدة من الآخرين, يعتبر خطوة ذكية لكل أم جديدة، خاصة إذا كانت تعاني من التهاب المفاصل الروماتويدي.

– “قد تضر الأدوية طفلي”

بالفعل , هناك بعض الأدوية التي قد تضر جنينك , ولذا فإن عليكِ أن تتوقفي عن تناولها قبل بداية الحمل , ومن أمثلتها دواء تريكسال (ميثوتريكسيت) أو المانع المناعي أرافا (لفلونوميد)،  ولكن لحسن الحظ، تعتبر الأدوية الأخرى لمرض التهاب المفاصل الروماتويدي، وخاصة مثبطات عامل النخر الورمي المعروفة باسم مضادات TNF أو حاصرات TNF أكثر أمانًا من غيرها , حيث تستطيع المرأة الحامل تناولها أثناء فترة الحمل . وتشمل تلك الأدوية سيمزيا (سيرتوليزوماب)، إنبيل (إيتانرسيبت)، هوميرا (أداليموماب) وريميكاد (إنفليكسيماب).
و قد نُشرت مراجعة في أغسطس من عام 2015، ينصح خلالها الخبراء المرأة التي تخطط للحمل، بالعمل مع الطبيب لوضع المرض في حالة سكون عن طريق الأدوية التي تتوافق مع الجنين، والعثور على الطبيب القادرعلى إدارة التعامل مع مرض المفاصل الروماتويدي خلال فترة الحمل.

– ” قد أورث طفلي الجينات التي تسبب بظهور المرض “

يعتبر الأشخاص ذوي القرابة المصابون بالتهاب المفاصل الروماتويدي أكثرعرضة لخطر نقل جينات المرض لأطفالهم، حيث أن الطفرات التي تحدث على بعض الجينات، خاصة جينات مستضد الكريات البيضاء البشرية ترتبط مع مرض التهاب المفاصل الروماتويدي، كما تلعب عوامل أخرى غير جينية دورًا في ظهور وتطور المرض مثل الإصابة بعدوى فيروسية أو بكتيرية، واختلال الهرمونات، وحتى التدخين طويل الأمد، ولا يزال النمط الذي ينتقل فيه المرض من الآباء إلى الأبناء غير واضح بسبب جميع العوامل البيئية والجينية التي ترتبط بهذا المرض، وتقول كلوز: ” من النادر أن ترى أمًا وابنتها مصابتين بالمرض، لذلك ليس هناك ما يقيد رغبتكِ في الإنجاب”.

– ” أنا قلقة بشأن العقم”

وجد تقرير نُشر عام 2015، أن لدى النساء المصابات بالتهاب المفاصل الروماتويدي صعوبة في الحمل أكثر من باقي النساء، ولا يوجد سبب واضح لهذا، لأن النساء المصابات بهذا المرض ليس لديهن انخفاض في قدرة المبيضين على إنتاج بويضات صالحة . ولكن الولادة المبكرة , ومشاكل انخفاض وزن الطفل عند الولادة أكثر شيوعاً لدى النساء المصابات بالمرض من عامة النساء, و ينصح كلوز النساء اللواتي يرغبن بالإنجاب بعدم تأخير المحاولة إلى عمر الثلاثينيات حيث تنخفض الخصوبة في هذه المرحلة حتى في النساء اللواتي لا يعانين من المرض .

إذن , يجب الحصول على أفضل المعلومات حول علاجات التهاب المفاصل الروماتويدي المتوافقة مع الحمل من خلال استشارة الأطباء أو استخدام شبكة الإنترنت حيث تتوفر مواقع الكترونية تربط المريض مع الطبيب مباشرة وتمكنه من الحصول على ما يحتاجه من معلومات.