لا تخف, نحن نمازحك!
حسناً.. في الواقع, مع أن هذا يبدو ضرباً من الخيال, إلا أنه ليس مستحيلاً تماماً! فقد تمكن العلماء مؤخراً من إيجاد طريقة فعالة لزرع الأفكار مباشرة في أدمغة القردة، دون أن تتدخل الحواس في هذه العملية!
ويمكن لهذا الاكتشاف إذا قدر له النجاح مع البشر, أن يكون الأمل المتظر الذي سيساعد مرضى السكتة الدماغية الذين لا تتمكن أدمغتهم من إرسال الإشارات العصبية بطريقة صحيحة بسبب تلف بعض الأجزاء فيها.

هل تساءلت يوما كيف يتجاوب دماغك مع الأشياء التي تراها وتسمعها؟

 تتلقى حواسنا الكثير من المعلومات الحسية في كل ثانية، وتقوم أدمغتنا بطريقة ما بفهم معنى تلك المعلومات وترتيب قائمة من الإجراءات والمهام للقيام بها كرد فعل على هذه المعلومات الحسية، ويحصل كل ذلك عن طريق التفاعلات المعقدة بين المناطق الحسية من أدمغتنا وجزء آخر من الدماغ يسمى القشرة الأمام حركية، ولكن، مؤخراً  , قامت مجموعة من العلماء بإجراء تجربة مكنتهم من معرفة كيفية تجاوز هذا التفاعل وزرع الأفكار في القشرة الأمام حركية مباشرة دون الحاجة إلى التواصل مع الأجزاء الحسية للدماغ .
 فعلى سبيل المثال، عند رؤيتك لشيء ما، يتم إرسال هذه المعلومات البصرية إلى الجزء الذي يعالج الإشارات البصرية في دماغك، والمعروفة باسم القشرة البصرية. ومن هناك، يتم إرسال المعلومات إلى القشرةالأمام حركية، التي ستخطط لقائمة من الأفعال المتسلسلة للتجاوب مع المعلومات التي وردت إليك عن طريق حاسة النظر .

لكن مجموعة من العلماء في جامعة روتشستر أرادوا معرفة ما إذا كان بإمكانهم تخطي القشرة البصرية وزرع الإشارات مباشرة في القشرة الأمام حركية مخبرياً . حيث بحثوا في إمكانية تجاوز الجزء البصري، والتواصل مباشرة مع الجزء المسؤول عن ردود الأفعال، ويعلق العلماء الكثير من الآمال على هذا الإكتشاف ويتوقعون أنه سيعمل على مساعدة الأشخاص الذين يعانون من السكتات الدماغية أو أي من حالات تلف الدماغ الأخرى، التي يمكن أن تدمر المسارات التي تصل بين القشرة البصرية والقشرة أمام الحركية، وقد نجح الباحثون أخيرا في القيام بهذا الأمر وزرع الأفكار مباشرة في أدمغة القردة، حيث قاموا بربط بعض الأقطاب الكهربائية إلى دماغي قردين، وأرسلوا إشارة مباشرة إلى القشرة الأمام حركية , وكان العلماء قد قاموا بتدريب القرود مسبقاً على عدة عمليات كسحب الرافعة، والضغط على الأزرار، أو إدارة مقبض الباب عند تلقي إشارة مرئية أو مسموعة، ثم استبدل الباحثون الإشارة التي اعتادت عليها القدرود بإشارات مباشرة من الأقطاب الكهربائية، وكانت النتيجة، تجاوب القرود مع الإشارات المعطاة عن طريق الأقطاب الكهربائية، وأداء المهمة الصحيحة من دون تلقي أي إشارة بصرية أو مسموعة، ومن خلال تحفيز القشرة الأمام حركية فقط بشكل مباشر .

و مع أن هذه التجربة كانت بسيطة جداً، وأجريت باستخدام عدد قليل من الأقطاب الكهربائية، إلا أنها أعطت مؤشراً على إمكانية استخدام هذه الطريقة في المستقبل لإرسال الإشارات باستخدام آلاف الأقطاب، مما يتيح زرع بعض الحركات , وردود الأفعال الأكثر تعقيدا . حيث سيعطي هذا أملا للأشخاص الذين يعانون من تلف في المسارات العصبية بأن يصبحوا قادرين على جاوز المناطق التالفة من أدمغتهم، وإرسال إشارات مباشرة من جزء إلى آخر من أدمغتهم باستخدام هذه التقنيات الحديثة .