اضطراب السلوك،هي حالة نفسية وعاطفية خطيرة يصاب بها الأطفال والمراهقون عادة،و يظهر الشخص المصاب بهذا الإضطراب ميلاً إلى السلوكيات التخريبية،و التصرف بعنف،كما أنه قد يواجه مشاكل في الإلتزام بالقوانين .

و مع أن الأطفال والمراهقين يعانون عادة من بعض المشاكل التي تتعلق بالسلوك،و قد يحتاجون إلى متابعة مستمرة لتحسين سلوكهم،إلا أن هذه الحالات تختلف عن اضطرابات السلوك التي نتحدث عنها،حيث تصنف السلوكات الغير مرغوبة على أنها اضطرابات سلوكية إذا استمرت لفترات طويلة،و كان فيها اعتداء على حقوق الآخرين،و رفض شديد للإلتزام بالقوانين

أعراض اضطراب السلوك :

تختلف أعراض الإضطراب السلوكي من طفل لآخر حسب فئته العمرية،و حسب شدة الحالة وخطورتها،حيث تقسم أعراض الإضطرابات السلوكية إلى 4 فئات رئيسية :
1- السلوكات العدوانية :
و تندرج تحت هذه الفئة جميع السلوكات التي قد تلحق ضرراً حقيقياً بالآخرين،أو تهدد سلامتهم،مثل الشجار ,أو التنمر،أو إيذاء الحيوانات،أو استخدام الأدوات الحادة المؤذية والتهديد بها،أو الإيذاء الجنسي بإجبار الآخرين على الدخول في بعض الأنشطة الجنسية تحت التهديد .

2- السلوكات التدميرية :
و تشمل هذه الفئة السلوكات التخريبية المتعمدة،مثل إشعال الحرائق،و تخريب ممتلكات الآخرين .

3- السلوكات الخادعة :
و تشمل هذه الفئة السلوكات التي تظهر مشكلة في الأمانة لدى الطفل أو المراهق،مثل الكذب المتكرر،أو السرقة من المتاجر،أو الإعتداء على ممتلكات الآخرين مثل المنازل،و السيارات بغرض السرقة .   

4- انتهاك القوانين
و تشمل هذه الفئة السلوكات المخالفة للقواعد العامة المتعارف عليها في المجتمع،أو تصرف الطفل أو المراهق بشكل يعتبر غير مقبول في عمره،و من هذه السلوكيات : الهروب من المنزل،أو التدخين وتناول الكحول،و التسرب من المدارس،و ممارسة الأنشطة الجنسية .

و إضافة إلى ذلك،فإن العديد من الأطفال والمراهقين الذين يعانون من اضطراب السلوك يكونون عادة عصبيي المزاج وسريعي الإنفعال،و كثيراً ما يدخلون في نوبات غضب شديدة،إضافة إلى انخفاض تقدير الذات لديهم،الأمر الذي يجعلهم أكثر عرضة لإدمان المخدرات والكحول،كما أنهم عادة لا يستطيعون رؤية مدى تأثير سلوكاتهم السيئة على الآخرين أو على أنفسهم،و لا يشعرون بالندم تجاه إيذاء الآخرين .

أسباب الإضطرابات السلوكية :
ما زال السبب الرئيسي المسبب لاضطرابات السلوك غير معروف،و لكن يعتقد العلماء أنه يحدث بتأثير مجموعة من العوامل البيولوجية والجينية والبيئية والنفسية والاجتماعية مجتمعة .

– الأسباب البيولوجية :
أظهرت بعض الدراسات أن التعرض لإصابة في مكان معين من الدماغ يمكن أن تتسبب بالإصابة باضطراب السلوك،و قد ارتبط اضطراب السلوك بالتعرض للإصابة في مناطق معينة من الدماغ،و هي المناطق المسؤولة عن تنظيم السوك،و مراقبة الإنفعالات والعواطف لدى الشخص،كما أن الكثير من الأطفال والمراهقين الذين يعانون من اضطراب السلوك لديهم أيضاً أمراض سلوكية أخرى مثل قصور الإنتباه وفرط الحركة،و اضطرابات التعلم،و الإكتئاب وغيرها من الإضطرابات التي تتعلق باضطراب السلوك،مما يساعد في ظهوره لديهم .

– أسباب جينية ووراثية :
عادة يعاني بعض أفراد الأسرة المقربون لدى الكثير من الأطفال والمراهقين المصابين باضطراب السوك من أمراض نفسية مثل اضطرابات المزاج،أو الإكتئاب،أو اضطرابات القلق واضطرابات الشخصية،أو اضطرابات تعاطي المخدرات،مما يثبت أن الأمر مرتبط بالوراثة والجينات بشكل ما،و أن جزءاً من مسببات هذا الإضطراب قد تكون نقلت للطفل أو المراهق بالوراثة .

– أسباب وعوامل بيئية :
العوامل البيئية مثل المشاكل الأسرية،و التعرض لسوء المعاملة،أو التعرض لصدمات عاطفية شديدة،أو عدم انضباط الوالدين وتعاطي أفراد العائلة للمخدرات جميعها من الممكن أن تكون سبباً في إصابة الطفل أو المراهق باضطرابات السلوك .     

– العوامل النفسية :
يعتقد الخبراء أن اضطرابات السلوك هي انعكاس لمشاكل أخلاقية أكثر عمقاً مثل نقص الأمانة المرتبط بالكذب والسرقة،و عدم الشعور بالذنب عند إيذاء الآخرين،كما أنها ترتبط بنقص القدرات الإدراكية التي يجب أن تجعلهم أكثر وعياً لآثار سلوكاتهم الخاطئة على الآخرين .

– العوامل الإجتماعية :
إن انخفاض المكانة الإجتماعية،و الفقر أو شعور الطفل أو المراهق بعدم تقبل أقرانه له،جميعها عوامل مهمة قد تلعب دوراً كبيراً في تحفيز ظهور اضطرابات السلوك لديه .

هل الإضطرابات السلوكية شائعة بين الأطفال والمراهقين ؟
في الواقع ليس لدينا دراسات تقيس مدى شيوع هذا النوع من الاضطرابات بين المراهقين والأطفال في البلدان العربية،و لكن الدراسات الأمريكية المتعلقة بالموضوع تشير إلى أن 2%- 16% من الأطفال والمراهقين في أمريكا يعانون من اضطرابات السلوك،و أنه أكثر شيوعاً بين الفتيان مقارنة بالفتيات،و يحدث غالباً في مرحلة الطفولة المبكرة،أو في المراحل المبكرة من المراهقة .

كيف يتم تشخيص هذا النوع من الإضطرابات ؟
كما هو الحال في تشخيص الأمراض لدى البالغين، يتم تشخيص الأمراض النفسية لدى الأطفال على أساس العلامات والأعراض التي قد تشير إلى وجود مشكلة معينة.
فإذا ظهرت أعراض اضطراب السلوك على الطفل أو المراهق،سيبدأ الطبيب بإجراء تقييم عن طريق دراسة  التاريخ الطبي النفسي للشخص بشكل كامل،و إذا شك الطبيب بوجود مرض بدني يتسبب بتغير السلوك كعرض من أعراضه،فقد يطلب إجراء بعض الفحوصات البدنية والمخبرية (على سبيل المثال، دراسات التصوير العصبي، واختبارات الدم), كما يتأكد الطبيب أثناء الفحص من إصابة الشخص بأي اضطرابات نفسية أخرى مثل اضطراب قصور الانتباه وفرط الحركة،أو الإكتئاب .

أما إذا لم يتمكن الطبيب من العثور على سبب واضح  للأعراض، فمن المرجح أن يحيل الطفل إلى طبيب نفسي للأطفال والمراهقين،حيث يستخدم الأطباء النفسيون وعلماء النفس أدوات تقييم مصممة خصيصا لتقييم الطفل وتشخيص أي اضطرابات نفسية لديه. ويعتمد الطبيب في تشخيصه على الأعراض الظاهرة،و على مراقبته لمواقف الطفل وسلوكاته،و غالبا ما يعتمد الطبيب على الحقائق التي يقدمها والدا الطفل ومعلموه حول سلوكاته،لأن الطفل ربما يلجأ لحجب بعض المعلومات عند سؤاله من قبل الطبيب،أو قد لا يستطيع شرح المشاكل والأعراض التي يمر بها بوضوح .

كيف يتم علاج اضطراب السلوك ؟
يعتمد علاج اضطراب السلوك على عوامل كثيرة،بما في ذلك عمر الطفل،وشدة الأعراض،وكذلك قابلية الطفل وقدرته على المشاركة في بعض العلاجات .
 ويتكون العلاج عادة من مزيج مما يلي
:

– العلاج النفسي: يكون العلاج النفسي على شكل جلسات استشارية, ويهدف إلى مساعدة الطفل على تعلم التعبير عن الغضب والتحكم فيه بطريقة أفضل .
وهناك نوع من العلاج يسمى العلاج المعرفي السلوكي،و هو  يهدف إلى إعادة تشكيل تفكير الطفل وإدراكه،لتحسين مهارات حل المشكللات لديه، وزيادة قدرته على إدارة الغضب، وتطوير مهارات التفكير الأخلاقي، والتحكم بردود الأفعال لديه،ويمكن استخدام العلاج العائلي للمساعدة في تحسين التواصل والتفاهم بين أفراد الأسرة .  

– الأدوية: على الرغم من عدم وجود أدوية معتمدة رسميا لعلاج اضطراب السلوك، فقد يصف الطبيب أدوية مختلفة لعلاج بعض أعراضها الشديدة،فضلا عن أي أمراض نفسية أخرى قد تكون موجودة، مثل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أو الاكتئاب الشديد.

إذا كانت تظهر على طفلك أعراض اضطراب السلوك،فمن المهم جدا أن تطلب المساعدة من طبيب مختص،فالطفل أو المراهق المصاب باضطراب السلوك يعتبر معرضاً لخطر الإصابة باضطرابات نفسية أخرى أشد خطراً عند البلوغ،إذا ترك دون علاج،وتشمل هذه الاضطرابات اضطرابات الشخصية المعادية للمجتمع وغيرها من اضطرابات الشخصية،و اضطرابات المزاج واضطرابات القلق،واضطرابات تعاطي المخدرات.

ويتعرض الأطفال الذين يعانون من اضطراب السلوك أيضا لخطر المشاكل المتصلة بالمدرسة،مثل التسرب من المدرسة،أو الرسوب وإعادة الصفوف الدراسية،وتعاطي المخدرات، والمشاكل القانونية نتيجة الإعتداء على ممتلكات الآخرين،و التعرض لإصابات خطيرة،أو تعريض الآخرين للخطر بسبب سلوكهم العنيف، كما أنهم يعتبرون أكثر تهوراً وأكثر رغبة في تجربة كل جديد مما يجعلهم أكثر عرضة للأمراض التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي، وأكثر عرضة للإقدام على الانتحار،و يمكن أن تختلف نتائج العلاج اختلافا كبيراً من شخص لآخر، ولكن التدخل المبكر قد يساعد على الحد من مخاطر الإكتئاب، واضطرابات المزاج، وظهور الأمراض الأخرى المصاحبة له مثل تعاطي المخدرات.

هل يمكن الوقاية من مرض اضطراب السلوك ؟
على الرغم من أنه قد لا يكون من الممكن منع اضطراب السلوك، لكن الانتباه إلى أعراضه والتعامل معها بالطريقة الصحيحة يمكن أن يقلل من آثاره السلبية على الطفل والأسرة، ويمنع العديد من المشاكل المرتبطة بالحالة،وبالإضافة إلى ذلك، فإن توفير بيئة داعمة،و توفر الإنسجام في الأسرة, والموازنة بين الحب والإنضباط جميعها أمور قد تساعد على تقليل أعراض اضطراب السلوك،و الحد من السلوكات المزعجة
.